تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

11a

يورانيوم موريتانيا... ثروة للتصدير في زمن أزمات الطاقة

 


 المصدر: النهار العربي
روعة قاسم

 

تستعد موريتانيا لاستغلال ثروة جديدة من ثرواتها الطبيعية التي تعج بها أراضيها الغنية بالذهب والحديد والنفط والغاز، وكذلك بحرها الذي يضم إلى جانب حقول الطاقة أجود أنواع الأسماك وبكميات وافرة. ويتعلق الأمر باليورانيوم الذي سيتم الشروع قريباً في استخراجه من منجم تيرس شمال البلاد ليتم تصديره إلى الخارج بعد أن زاد الإقبال على الطاقة في العالم بسبب الأزمة التي خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية.
 
وتستغل هذا المنجم الشمالي، الذي بدأ منه استخراج احتياطي موريتانيا الهام من اليورانيوم، شركة أسترالية، وذلك خلافاً لمناجم يورانيوم النيجر في أغاديس في بلاد الطوارق التي تُستغل منذ عقود من قبل شركات أوروبية. وترغب هذه الشركة في تصدير الكميات المستخرجة بالاتفاق مع حكومة نواكشوط التي يبدو أنها متحمسة لذلك تحدوها رغبة في تنمية المداخيل من العملة الصعبة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.
 
وستقع عمليات التصدير بإشراف "السلطة الوطنية الموريتانية للحماية من الإشعاع وللأمن والسلامة النووية" وذلك بالنظر إلى خطورة نقل هذه المادة المشعة والتي تتطلب إجراءات خاصة ودقيقة تجنب المواطنين والبيئة خطر تسّرب الإشعاع منها. فموريتانيا هي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقامت بتوقيع الاتفاقات الدولية المتعلقة بهذا الشأن، وبالتالي فهي مطالبة باحترام تعهداتها في هذا المجال استخراجاً ونقلاً وبيعاً لأطراف بعينها تقوم باستعمال هذه المادة لإنتاج الطاقة النووية واستغلالها للأغراض السلمية على غرار إنتاج الكهرباء.
 
ويبدو أن الطلب العالمي المتزايد على اليورانيوم الموريتاني هو الذي دفع ببلد المليون شاعر إلى التركيز أكثر على إنتاج هذه المادة بخاصة أن العالم بصدد التوجه نحو استغلال الطاقات البديلة عن النفط سواء غير الملوثة، مثل الطاقة الشمسية، وحتى الملوثة مثل الطاقة النووية. ففصل الشتاء على الأبواب، وصقيع القارة العجوز وبردها القارس لا يحتملان في غياب الغاز الروسي، وهناك دول أوروبية عدة تعتمد الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على غرار فرنسا، وتبدو اليوم بحاجة إلى مضاعفة إنتاجها منه لتغطية الإستهلاك المتزايد للطاقة خلال فصل الشتاء.
 
ويؤكد خبراء اقتصاديون أنه إذا تواصل الطلب على اليورانيوم الموريتاني بهذا النسق الهام، قد يتفوق اليورانيوم على الذهب في صادرات نواكشوط، باعتبار أن الذهب يحتل حاليا المرتبة الأولى في هذه الصادرات التي تخص بلد المليون شاعر. كما يبدو أن المنافسة ستكون على أشدها على المراتب الأولى في الصادرات بين اليورانيوم والنفط والغاز في السنوات المقبلة بعد الاكتشافات الكبرى التي عرفها موطن المرابطون في السنوات الأخيرة للنفط والغاز ودخول بعض الحقول المكتشفة حيز الإستغلال.
 
ويعتبر البعض أن حجم الاستثمار في منجم "تيرس" كبير ومكلف باعتبار أن استغلال هذا المنجم يحتاج مبدئياً، وبحسب التقديرات، إلى ما يفوق 78 مليون دولار، لكن حجم الانتاج وما سيدره على البلاد من مداخيل من العملة الصعبة يجعل المعنيين بالأمر لا يترددون في الاستثمار بهذه الثروة الطبيعية. وفي كل الحالات فإن المستثمر الأجنبي لهذه الثروة، أي الشركة الأسترالية صاحبة الحق في استغلال منجم تيرس، هي التي ستتكفل بنفقات استخراج اليورانيوم وتصديره إلى الخارج مقابل الدعم اللوجستي من قبل الدولة الموريتانية التي ستتقاسم الأرباح في نهاية المطاف مع هذه الشركة.
 
ولعل السؤال الذي يطرحه البعض هو ذلك المتمثل في مقدار حصة الدولة الموريتانية من الأرباح التي سيوفرها تصدير اليورانيوم من منجم تيرس، وأيضاً مقدار حصة الشركة الأسترالية المستثمرة في المنجم المذكور. فموريتانيا بلد غني جداً بالثروات بينما يعيش شعبها ظروفاً اجتماعية مزرية ومتدهورة، ويرجع البعض ذلك إلى ذهاب أغلب المداخيل المتأتية من تصدير هذه الثروات الطبيعية إلى جيوب المستثمرين الأجانب المنتمين إلى دول كبرى، وإلى الفاسدين ممن هيمنوا على مفاصل الدولة منذ استقلال بلد المليون شاعر.
 
وبالتالي فإنه يخشى أن يعرف يورانيوم موريتانيا مصير يورانيوم النيجر نفسه، والذي تذهب أغلب مداخيله إلى الشركات الغربية فيما يعيش الطوارق المغاربيون في مناطقهم تلك، والتي تم إلحاقها قسراً بدولة النيجر الجديدة المستحدثة سنة 1960، الفقر والتهميش وقلة ذات اليد. لكن ما يبعث على الإرتياح لدى البعض هو السمعة الطيبة للشركة الأسترالية التي تستغل منجم تيرس والتي تختلف في معاملاتها عن الشركات الغربية المستثمرة في مجال اليورانيوم في مناطق أخرى من ربوع القارة السمراء وتحديداً بمنطقة الساحل والصحراء.
 

اثنين, 12/04/2023 - 11:55

3233a

تابعونا

Fذرث